ذلك، وعذلهم النجاشي في إبطائهم عنه، فما وجدوا في رسول الله صلّى الله عليه وسلم غميزة يذكرونها أو يحتجون بها، فكروا راجعين إلى مكة. وقد رحلوا إلى النجاشي غير مرة، وكانت له معهم في هذا الشأن محافل ومجالس.
ولقد قال خالد بن الوليد بن المغيرة لأصحابه وأهل أنسه قبل إسلامه وقبل هجرته: والله لقد استقام الميسم، وإن الرجل لنبيّ فحتى متى؟ ثم هاجر وأسلم بعد الحديبية، وهاجر بعده عمرو بن العاص وأسلم، وكان منهما ما هو معلوم.
ولما قسم رسول الله صلّى الله عليه وسلم شعره على أصحابه في حجة الوداع، ما زال خالد ابن الوليد يضرع ويقول: يا رسول الله ناصيتك، يا رسول الله ناصيتك، فيها أرجو النصر، فنادى أبو بكر الصديق في الناس متعجبا ومعتبرا ومنبها، وقال:
أيها الناس، هذا/ خالد بن الوليد الذي لقينا منه ببدر وأحد والخندق والحديبية ما لقينا، انظروا اليوم اليه وإلى بصيرته.
ولما قسم رسول الله صلّى الله عليه وسلم غنائم أرطاس، وأعطى المؤلفة ما أعطاهم، قال عيينة بن حصن: أنا ابن الأشياخ، أنا عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر، فقال صلّى الله عليه وسلم: خير الناس يوسف بن يعقوب بن اسحق بن إبراهيم؛ وكان صلّى الله عليه وسلم يقول في عيينة بن حصن: الأحمق المطاع، وكان من أمره معه، ومع الأقرع ابن حابس، والعباس بن مرداس المسلمي، وتلك المؤلفة. ما هو معلوم «١»
ولما أعطاهم من تلك العناية ما أعطاهم، وحرم السابقين والبدريين والمهاجرين والأنصار، قال قائل من الأنصار: نظهر على هذه الغنائم بأسيافنا ويأخذها هؤلاء دوننا، وبلغه ذلك، فأرسل صلّى الله عليه وسلم، وجمع الأنصار، وقال: