كانت بدر، قال له أبو جهل: اخرج معنا، فقالت له امرأته: اذكر ما قال أخوك اليثربي، فكره الخروج، فما تركه أبو جهل حتى أخرجه، فقتل كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
والذي بدأنا به وأردنا، خوض أهل مكة في عداوته صلّى الله عليه وسلم واجتهادهم في صرف الناس عن اتباعه بكل وجه وحيلة فلا يجدون مطعنا، واتصل بهذا، اخباره صلّى الله عليه وسلم عن قتل أبي بن خلف فكان كما قال، وهذا آية أخرى.
وكم لاموا أنفسهم فيما بينهم لما نزل بهم ببدر، وقد كانوا خرجوا واثقين بالظفر برسول الله صلّى الله عليه وسلم وأصحابه لقلتهم وضعفهم، ولقوة قريش بالكراع والسلاح والمال وكثرة العدد، وكم تلاوموا فيما بينهم حين رجعوا من أحد وقد خرجوا في ثلاثة آلاف، وهم لا يشكون أنهم يظفرون برسول الله صلّى الله عليه وسلم وأنهم يسبون المدينة، ومعهم أبو عامر الراهب/ كما تقدم لك.
ولما رجعوا مع الأحزاب والخندق وقد جمعوا تلك الجموع، فنزل بهم من الريح والرعب ما قد تقدم لك ذكره، تجمع كل قوم إلى رئيس وصاحب يتعجبون من ذلك، فقال عمرو بن العاص للذين اجتمعوا اليه: والله إني لأرى أمر محمد يعلو على الأمور علو المنبر، فتشاوروا فيما يصنعون، فقال عمرو: إني قد رأيت رأيا، قالوا: وما رأيت؟ قال: رأيت أن نلحق بالنجاشي- وكان له صديقا- فنكون عنده، فإن ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشي فإنا أن نكون تحت يده أحب الينا من أن نكون تحت يد محمد، وإن ظهر قومنا فنحن من قد عرفوا فلن يأتينا منهم إلا خير. وصاروا إلى النجاشي، فأقاموا عنده. وورد على النجاشيّ عمرو بن أمية الضمري رسول رسول الله صلّى الله عليه وسلم «١» ، وأفاضوا في ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلم وما أتى به وما دعا اليه، فأجمعوا على حسن