للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما اشنبكت الحرب بالبصرة قال للحسن ابنه عليهما السلام: يا حسن، أما ترى، ودّ أبوك أنه قد مات قبل هذا اليوم بعشرين سنة، قال له الحسن: قد أمرتك وخوفتك فعصيتني، فقال: والله يا بني ما ظننت أن الامر يصير إلى هذا.

وكان ابن عباس يقول: كان علي رضي الله عنه لسابقته وقرابته يرى أنه لا يخالف ولا يريد أمرا إلا بلغه، فلم يكن كما ظن.

ورأى عليه السلام على بنت له لؤلؤة من المال فعرفها، فانزعج، فقال:

من أين لها هذه لله، عليّ أن أقطع يدها، فقال له أبو رافع خازنه على بيت المال لما رأى جدّه في ذلك: أنا والله يا أمير المؤمنين زينتها بها، ومن أين كانت تقدر عليها لو لم أعطها، فهدأ وسكت.

ودخل على الحسن عليه السلام رجل فقال له: من أنت ومن تكون؟ فقال له: أنا رسول معاوية إليك، فقال له: أو هكذا يدخل الناس على الناس، اخرج فاستأذن وسلم، ففعل ذلك ودخل/ بعد أن أذن له، فقال له: في أي شيء أرسلك معاوية، فقال له: يقول لك أنت من أهل العراق على غرر، قد راسلني «١» رؤساؤهم بأنهم يسلمونك إليّ، وهذه كتبهم، فألقاها بين يديه ليقرأها، فلما وقف على ذلك قال: حتى أعرف ما عند الناس، فخرج وعلا المنبر، وجمع الناس، ثم قال: يا أهل العراق، الله الله في جيرانكم وضيفانكم من أهل نبيّكم، فبكى الناس، ثم خطبهم فقال: إنه والله ما ثنانا عن قتال معاوية شكّ ولا ندم، وإنما كنا نقاتل أهل الشام بالسلامة والصبر فشيبت السلامة بالعداوة، والصبر بالجزع، وقد كنتم في مبدئكم إلى صفين ودينكم أمام دنياكم، وقد أصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم، وإنا كما كنا لكم


(١) في الأصل: أرسلني