للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحرقهم لأنهم أظهروا السرّ، ثم أحياهم بعد ذاك. قالوا: وإلا فقولوا لنا لم لم يحرّق عبد الله بن سبأ؟

قلنا: عبد الله ما أقر عنده بما أقر أولئك، وإنما اتهمه فنفاه، ولو حرّقه لما نفع ذلك معكم شيئا، ولقلتم إنما حرقه لأنه أظهر السر.

وأنت رحمك الله، إذا شاهدت الإمامية مع هؤلاء ومع من يقول في أمير المؤمنين وولده أنهم أنبياء، فإن الإمامية تقول لهم: قد كان هؤلاء الأئمة بين الناس فما ادّعوا النبوة، فيقولون لهم: قد كانوا بين الناس فما ادعوا ولا أظهروا ما يدّعون عليهم من الإمامة والنص والوصية والعصمة والآيات والمعجزات، فإن كان ما يقولون لنا من أنهم ما أظهروا النبوة حجة، فهذا حجة عليكم لمن خالفكم، فإن قلتم: قد أظهروا ما يدّعون بهتم الناس وليس مع المباهتة مناظرة، وقلنا لكم: أيضا قد أظهروا ادعاء النبوة، فإن قلتم بالعقل قد علمنا أنه لا بد من إمام معصوم، قلنا لكم: بالعقل علمنا وبالسمع جميعا أنه لا تخلو الدنيا من نبيّ موجود فيها قائم العين ولا تقوم شريعة نبيّ إلا بنبيّ مثله، ولا يبلغ شريعة نبيّ إلا نبيّ مثله، وقد قال الله: «ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا» «١» وقال: «يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً» «٢» فإن قلتم: هذا انصراف عن الضرورات بالظواهر والتأويلات، لأن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: لا نبيّ بعدي، قلنا: فما حالنا نحن وقد ادعينا/ ذلك، فإن ادعيتم علينا المكابرة ادّعينا عليكم مثله، وبعد فنحن ندّعي أن هؤلاء القوم قالوا لنا ولسلفنا أنهم أنبياء وقد ذكرنا لكم بحجة العقل وحجة السمع، فكيف يريد النبي أنه لا نبي بعده. وأيضا فنقول لكم: ما في العقل وجوب إمام معصوم، وإنما هو ظن يظنونه بما ألقاه هشام لكم، وقد بينا لكم


(١) المؤمنون ٤٤
(٢) المؤمنون ٥١