من هذا، تسبحين الله كذا وتحمدينه كذا، وذكر الحديث، وهي قصة معروفة طويلة.
وأتته فاطمة مرة أخرى بالحسن والحسين، فقال: يا نبي الله أنحلهما.
فقال: نحلت هذا الكبير المهابة والحلم، ونحلت هذا الصغير المحبة والرضا، فما زاد على هذا.
وكم قد سأله صلّى الله عليه وسلم غير واحد من بني هاشم فمنعهم، وتفصيل ذلك يطول، وهو مذكور في كتب العلماء. وما كان يعطي المحتاجين منهم إلا من خمس الخمس من الفيء، وربما دفعه إلى العباس ليقسمه عليهم.
وكانت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم ثلاث صفايا، فكانت أرض بني النضير حبسا لنوائبه، وجزأ خيبر ثلاثة أجزاء، وكانت فدك لأبناء السبيل، فكان عمر ابن عبد العزيز يعجب من إقطاع معاوية إياها مروان بن الحكم وهي لأبناء السبيل، وقد سألته إياها فاطمة بنته صلّى الله عليه وسلم فمنعها، فلما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة خطب الناس فقال: إن فدك كانت مما أفاء الله على رسوله، لم يوجف المسلمون عليها بخيل ولا ركاب، فسألته إياها فاطمة رضي الله عنها، فقال: ما كان لك أن تسأليني وما كان لي أن أعطيك. فكان صلّى الله عليه وسلم يضع ما كان يأتيه منها في أبناء السبيل.
ثم ولي أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ رضي الله عنهم فوضعوا ذلك بحيث وضعه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ثم ولي معاوية فأقطعها مروان بن الحكم، فوهبها مروان لأبي ولعبد الملك، فصارت لي وللوليد وسليمان، فلما ولي الوليد سألته حصته فوهبها لي، وسألت سليمان حصته فوهبها لي، فاستجمعتها، وما كان لي مال أحبّ إلي منها، فاشهدوا أني قد رددتها إلى ما كانت عليه.