للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا مثل دعوى من ادعى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم خدع المهاجرين والأنصار بغير ما ادعى هؤلاء عليهم، فقال عز وجل: «لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ» «١» فأخبر عن نياتهم وشهد بصدقهم، وقال في الأنصار: «وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ/ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» «٢» فأخبر أنهم يؤثرون الفقر في طاعة الله، ويواسون المحتاجين في ذات الله، مع ما بهم من الخصاصة، وشهد لهم بالفلاح، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لو سلك الناس شعبا وواديا وسلكت الأنصار شعبا وواديا لسلكت شعب الأنصار وواديهم، وقال لهم: إنكم لتكثرون عند الفزع وتقلون عند الطمع، إلى غير ذلك مما قاله فيهم رضي الله عنهم.

فهذه الشيع تقول فيهم بخلاف ما دل عليه العقل وبخلاف ما قال الله وبخلاف ما قال رسوله، ولكن الأنصار رحمهم الله لما علموا أن الإمامة لا تكون فيهم جعلوها في الفاضلين من مهاجرة قريش، ولو أرادوا الدنيا والملك لكذبوا أبا بكر حين قال لهم إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «الأئمة من قريش» أو كانوا يقولون: وإن قال هذا فإنا لا نقبل، فقد كانوا على ذلك قادرين والغلبة والعز لهم وفيهم، ولو أرادوا الدنيا والملك لقدحوا في رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولكذبوا عليه ولقالوا فيه كما يقول هؤلاء، فتعلم بهذا صحة النبوة وسلامة رسول الله صلّى الله عليه وسلم من كل عيب، وطهارة أبي بكر والمهاجرين وبراءتهم في صغير القبيح وكبيره،


(١) الحشر ٨
(٢) الحشر ٩