للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال أبو علي محمد بن عبد الله العلوي المصري الفاطمي الحسيني أفقه أهل بيته في زمانه، وأرواهم لأحاديثهم وأخبارهم، وكان رحمة الله عليه من الزهد والنزاهة والعبادة بالمنزلة التي لم يكن في أهل بيته وزمانه مثله، فقال رحمه الله: من الدلالة على براءة ساحة أبي بكر الصديق مما رمته/ الرافضة به أنه منع العباس وفاطمة وأزواج النبي صلّى الله عليه وسلم أموال رسول الله صلّى الله عليه وسلم وجعلها في سبيل الله، فإنه إنما فعل هذا وتم له وأقدم عليه مدلّا بالحق الذي كان عليه، ولو كان مبطلا لأعطاهم إياها وأكثر منها، لأنه برسول الله صلّى الله عليه وسلم عزّ، وبه تقدم، وبه كانت له الرئاسة، وبه صار صدّيقا، وأصحابه وأنصاره جعلوه خليفة، فلو كان مبطلا وطالب دنيا لأعطاهم ذلك وأرضاهم بكل ما يقدر عليه ليتم له ما يطلبه من الملك، فليس من الحزم أن يمنعهم هذا المقدار وينفرهم ويوحشهم لأجل شيء هذا قدره، وقد كان عاقلا حازما بالأمور عارفا بالأمور لا يدفعه عن هذا من عرفه، فإنما منعهم ذلك لأن رسول الله صلّى الله عليه وسلم منعهموه «١» .

ذكر أبو عليّ رحمه الله هذا ومعناه في رسالته التي بين فيها من الرافضة، ومن الناصبة، ومن الشيعة.

يزيدك بذلك علما، أن معاوية بعد أن قاتل بني هاشم وقتل منهم ومن شيعهم، وملك الأرض، واستتب له الأمر، حتى ما بقي أحد يقاومه أو يدفعه، جعل لأعدائه من بني هاشم ومن كان يخافه من قريش العطاء الجزيل، استكفافا لهم، وليتم له ملكه، وليستقيم له أمره وسلطانه. فكان يعطي الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر رضي الله عنهم لكل واحد منهم في كل سنة ألف ألف درهم، ويقضي حوائجهم، ويتبع ذلك بغيره من الألطاف والهدايا. وأبو بكر رضي الله عنه لم يعطهم شيئا من ذلك، بل كان يعطيهم


(١) في الأصل: منعموه