ولما اتسعت الأموال في زمن عمر، ودوّن الدواوين، وأعطى من شهد بدرا، / وسوّى بين الموالي والعرب ممن شهدها في ذلك، سألوه الصحابة في أن يجعل للحسن والحسين مثل ذلك، وكان مقدار خمس مائة دينار، تقربا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وبرا به صلّى الله عليه وسلم فقد كان يحبهما، فأشاروا عليه بذلك، وأذنوا له فيه، فجرى أمر عمر على ذلك، وعليه عمل عثمان، وعليه عمل أمير المؤمنين حين صارت الخلافة اليه.
ولقد سأل خالد بن المعمر السدوسي أمير المؤمنين في أن يزيدهما رضي الله عنهما في عطائهما فلم يفعل، وراجعه، فغضب أمير المؤمنين فقال: ما كنت لأزيدهما على ما فرض لهما عمر، وسأله عبد الله بن جعفر في أن يزيد عائشة وهي بالبصرة فقال: ما كنت لأزيدها عما فرض لها عمر. وسأله أخوه عقيل ليزيده على ما فرض له عمر فلم يفعل، وراجعه فلم يفعل. وسأله جعدة بن هبيرة المخزومي وهو ابن أخته أن يعطيه فما زاده على ما فرض له عمر، وقال له أتريد أن يكون خالك سرّاقا. وكان رضي الله عنه لا يأخذ في خلافته وسلطانه إلا ما فرض له عمر، ومثل هذا كثير.
فإن قيل: ولم لا عرف رسول الله صلّى الله عليه وسلم أئمته وأزواجه أنهم لا يرثونه فكانوا لا يحتاجون أن يسألوا أبا بكر؟ قيل لهم: الذي يلزم رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يقيم الحجة، ويقول، وقد فعل، وعند حاجة أهله إلى ذلك عرفوه ووجدوه قد قاله وعلموا ذلك، ومن كان الحق طلبته ففي أقل قليل مما ذكرنا كفايه، ولو لم يكن إلا فعل أمير المؤمنين رضي الله عنه وشبهه.
وقد علم أهل التحصيل أن فاطمة وأهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم أحبّ إلى أبي بكر وعمر وعثمان وأولئك السابقين من أولادهم وأسماعهم وأبصارهم، وهم