فتحوا الدنيا ودعوا/ أهلها إلى حب رسول الله صلّى الله عليه وسلم وبني هاشم، وسلموها اليهم. ولم نقل هذا من طريق حسن الظن بهم، ولكن بدلائل العقول التي قد تقدم ذكرها في غير موضع من هذا الكتاب.
وقد سأل موسى أخاه هارون عليهما السلام وأخذ برأسه يجره اليه، ثم رجع اليه حين عرف الجواب عند حاجته اليه. فعير منكر أن تعرف فاطمة وأهل رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما احتاجوا اليه من أبي بكر.
ولم يكن لقائل أن يقول: فلم لا عرف الله موسى الحال قبل مصيره إلى أخيه فكان لا يحتاج أن يجر برأس أخيه ويعاتبه ذلك العتاب، ولم لا عرفه وجه الصواب في حرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار، فكان لا يحتاج إلى أن يلقى العبد الصالح الذي كان يتعلم منه بذلك الجفاء ثم يعتذر اليه بأنه نسي. ولم لا عرف سليمان عليه السلام حال المرأة الملكة، ولم لا أغناه عن تعريف الهدهد ومساءلته وطول مراجعته؟ ولكن من وضع هذا غرضه ما قدمنا، وعنده أن أبا بكر وعمر وعثمان وأمثالهم وأشباههم من المهاجرين والأنصار، ما صحبوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم للإعلام التي كانت معه، ولا لبصيرة في دينه، وما اعتقدوا قط نبوته ولا صدقه، ولا انطووا على تعظيمه وإجلاله، ولا عرفوا له قدرا ولا أقاموا له وزنا، وإنما كانوا يراؤونه ويرائيهم، وينافقونه وينافقهم، وإنما كان غرضهم الدنيا والعاجلة، وكانوا يتربصون به وينتظرون موته ليكونوا ملوكا بعده، وأنهم قد اغتصبوا مصلاه ومقامه في حياته وفي جوف بيته، ونحّوا خليفته ووصيّه في حياته وبعد موته، وضربوا/ بنته وقتلوا جنينها في بطنها.
وقد علمت رحمك الله على أي وجه كانت إجابتهم لرسول الله صلّى الله عليه وسلم ومتى أجابوه ومالقوه في إجابته، وقد علمت بما تقدم لك في دلائل العقول أنهم قد اعتقدوا نبوته وصدقه، وأن المتأمل يعلم ذلك قبل العلم بنبوته، ويعلم أنه