للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان يحبهم، وأنه قد فرض موالاتهم ومحبتهم كما فرض بغض أولئك الذين قدمنا ذكرهم، وعلمنا أنه لم يكن له حرص في الإمارة إلا بمقدار القيام بحدود الله، وأن كل واحد منهم قد تمنع وود أن غيره قد كفاه، فقد امتنع أبو بكر منها واجتهد أن يكون في غيره فأكرهوه عليها، ولم يكن لعمر فيها رغبة ولا منه لها طلب فاختاره أبو بكر وأدخله فيها، وعاتبه طلحة وغيره على ذلك وقالوا له: عمر رجل مهيب فاستعمل علينا أحمد طريقة في حسن الخلق منه، فقال:

لا، هو خير لكم وأقواكم عليكم. وقال: اللهم إني وليتهم ولم أرد بذلك إلا صلاحهم، وخفت عليهم الفتنة، وقد حضرني من أمرك ما حضر، اللهم عملت فيهم بالعدل جهدي، وآثرت محبتك على محبتي، واجتهدت لهم الرأي، فوليت عليهم خيرهم لهم، وأقواهم عليهم، وأحرصهم على رشدهم، ولم أرد به صحابة عمر وأنا خارج من الدنيا داخل في الآخرة، فاخلفني فيهم فهم عبادك، ونواصيهم بيدك، أصلح لهم ولاتهم، واجعله من خلفائك الراشدين، يتبع هدى نبيه نبيّ الرحمة صلّى الله عليه وسلم، وهدى الصالحين بعده، وأصلح له رعيته، وأسلم لعمر أن لا يكون تلبس من هذا الأمر بشيء، وذلك أن الفارغ من أمر الناس يقبل على شغل نفسه، وأن والي الناس يتعرض فيما لا يدري ما يختم له به في آخر عمره، فإن هذه الدنيا قد/ غرّت من كان قبلكم وتنافسوا فيها فأوردتهم موارد الهلكة، فندموا حيت لا تنفعهم الندامة، قد انقطعت الآمال، وعاينوا أعمالهم، فلا يقبل من محسن عمل ولا من مسيء نزوع عن خطيئة، فمن استطاع أن يقدم عملا يعيذه الله به من مساوىء يوم القيامة فليفعل.

فما حقد عمر على طلحة ما قاله ولا تنكر له ساعة قط، ولقد جعلها عمر شورى في ستة من غير رغبة كانت من واحد منهم اليه في ذلك ولا مسألة، ولم