للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيل له: قبل كل شيء قد علمنا انه صلّى الله عليه وسلم قد احتج بالإسراء وجعله قرآنا يتلى «١» ، وقد سمع هذا جميع اعدائه من قريش واليهود والنصارى وهم معه وجيرانه وأشد الناس عليه وأحرصهم على عثرة تكون له او عيب يكون فيه، وهنالك اصحابه ومن قد اعتقد صدقه ونبوته ولم يتبعه إلا لأنه نبي صادق وعاقل لا يحتج على عدوه ووليه بما لا يقوم برهانه، ثم لا يرضى أو يأتي في ذلك بقرآن يتلى ويضيفه الى ربه ويستطيل بذلك على عدوه ووليه، وليس معه في ذلك إلا الدعوى الخالية من كل الحجج؟ هذا لا يفعله عاقل، وعقل رسول الله صلّى الله عليه وسلم عند عدوه فضلا عن وليّه فوق العقول.

وأخرى أن من فعل هذا على ما يدعيه الخصم لا يتبعه احد ولا يصدقه احد بل يرجع عنه من قد اتبعه، إذ ليس معه إلا الدعوى على ما يدعيه الخصم، وكل احد يمكنه ان يدّعي انه قد أسري به في ليلة واحدة من البصرة الى بيت المقدس او من العراق الى بلاد الهند وما تبينت بما هذه سبيله، فتعلم ان الحجة بذلك قد قامت واتضحت.

وأخرى ما جرى بين قريش وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وبين قريش وأبي بكر الصديق، وما كان في ذلك من طول المراجعة، ومن عني بذلك يعلم ان الأمر كما حكينا ووصفنا علما يقينا لا يرتاب به، كما يعلم فرار المهاجرين الى ارض الحبشة، وإخراج قريش عمرو بن العاص وعمارة ابن الوليد بن المغيرة في طلبهم، وما كان لهم معهما مع النجاشي من


(١) تناولت سورة الاسراء قصة الاسراء بقوله تعالى: «سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» .