وسقوفه وما فيه شيئا شيئا، وكان إذ ذاك في أيدي الروم، وكان ملك الشام لهم وبعضه في أيدي اليهود، فقال ابو بكر: أتسمعون؟ وكان فعل ابو بكر ذلك ليعرف الناس صدق رسول الله صلّى الله عليه وسلم فيما ادّعى. فقالت قريش: فان لنا عيرا بالشام عرفت خبرها؟ فقال: نعم، مررت بهم في ذهابي، وهم في موضع كذا، وقد ندّ لهم بعير من حسّ دابتي فدللتهم عليه، ورجعت عليهم وهم نيام وقدح فيه ماء وقد خمروه، فنزلت وكشفته وشربت وخمرته.
ثم قال: وآية اخرى أنهم يردون عليكم يوم كذا وقت طلوع الشمس، وتقدم عيرهم من ثنية كذا، يقدمها جمل أورق عليه غرارتان، إحداهما برقاء والآخرى سوداء. فأرصدت قريش لذلك اليوم، فقال قائلهم:
هذه الشمس قد طلعت، وقال آخر: وهذه العير قد أقبلت وأمامها الجمل الأورق وعليه الغرارتان كما وصف. وسألوهم عن البعير الذي ندّ وعن القدح الذي كان فيه الماء فأخبروهم بذلك كما وصف، وأنهم وجدوا القدح فارغا بعد ان كان فيه ماء.
فتأمل ما في هذا من الآيات والمعجزات والعلامات الواضحات البينات التي لو لم تكن إلا هذه لكفت وأغنت في الدلالة على نبوته.
فمنها مصيره ورجوعه في ليلة واحدة، ومنها إخباره بالوقت التي ترد فيه عير قريش على أي سبيل ترد/، فكم في هذا من الغيوب.
فإن قيل: ومن سلّم لكم أن هذا قد كان على ما وصفتم لنا، وكيف علمتم هذا، وما طريق العلم به؟