له: إن عبد الرحمن رجل مجتهد، وليس والله يبايعك إلا بالعزيمة، فاقبل.
قال: فلما قال عبد الرحمن لعليّ: هل أنت يا عليّ تبايعني على كتاب الله وسنة نبيّه وفعل أبي بكر وعمر، قال له عليّ: اللهم لا، ولكن على جهدي من ذلك وطاقتي، ومن يطيق ذلك. فقال لعثمان هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيّه وفعل أبي بكر وعمر، فقال: نعم، فبايعه. فقال عليّ، خدعة، يعني أن ابن النابغة خدعه، فهكذا جاء الحديث، فإن كان صحيحا فاقبلوه، فأنتم أول من يقول لا يجوز أن يقال لأمير المؤمنين بكتاب الله وسنة رسول الله فيقول هذا القول «١» ، ولا يجوز أن يخدعه عمرو بن العاص فأنتم لا تقبلون ما قد ذكر، وإذا دعيتم اليه نفرتم عنه، ثم تدّعون ما لم يكن وتجعلونه أصلا تنصرفون به عن المعروف من اتباع أمير المؤمنين لهؤلاء القوم وتصويبه لهم؟ على أن الذي ثبت عند العلماء أن عبد الرحمن قال لأهل الشورى: إني قد نظرت وشاورت واستخرت فما وجدت الناس يعدلون بعثمان أحدا.
وأيضا فقد كان في الصحابة من يخالف أبا بكر وعمر في مسائل الاجتهاد.
ولا يحتشم ذلك، ولا ينكر أبو بكر وعمر ذلك، وقد خالفهما ابن مسعود، وأبي، ومعاذ، وزيد بن ثابت، وابن عباس، وغيرهم. فتعلم أن ما يتعلق به هؤلاء باطل.
ومن عجيب ما يدعونه أن عمر احتال على عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه/ حتى أدخله في الشورى، وقال: إنه يصلح للخلافة، وأنه قال إذا صار أهل الشورى ثلاثة وثلاثة فاقتلوا الثلاثة الذين ليس فيهم عبد الرحمن، وأن عبد الرحمن كان عدوا لعليّ وصرفها عنه إلى عثمان، وأن عمر إنما قال هذا حرصا على أن ينصرف عن عليّ ويصير إلى عثمان.
(١) لعل هنا نقصا بعد كلمة أمير المؤمنين تقديره: هل تعمل، وذلك حتى يستقيم المعنى.