وليس معهم في هذا دلالة ولا برهان، إنما هو البهت والفرية وظنون كاذبة كغيرها من أقاويلهم، وقد تقدم لك الدلالة على أنه لم يكن بين عليّ وأبي بكر وعثمان وعبد الرحمن وتلك الجماعة عداوة، بل كان بينهم من الموالاة والمودة في الدين والإسلام ما فيه كفاية.
ثم يقال لهم: لو أرادها عمر لعثمان وحده أو لعبد الرحمن أو لأحد يريده لنص عليه كما تقدم النص من أبي بكر أو كما نص هو على صهيب في الصلاة، فكان الناس يمتثلون ذلك وقد استراح مما ادعيتموه، ولم يكن عليه خوف، كما لم يكن على أبي بكر خوف.
والعجب أنكم تقولون: إن أبا بكر وثب بمقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقام فيه في حياته وفي بيته وبحضرته وبحضرة جميع بني هاشم والمهاجرين والأنصار، اغتصابا وقهرا، وتم له ذلك، واغتصبهم بعد موته، وساعده الناس، ونصّ على عمر فقبلوا منه فأنفذوا وصيته، ولم يقبلوا من رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولم ينفذوا وصيته، وقبلوا من عمر في الشورى وفي كل ما وصى به، ولم يقبلوا من رسول الله صلّى الله عليه وسلم وصيته ونصه على وصيّة علي رضي الله عنه، وقد بين لهم الفرض في ذلك، وهو من فرض الكافة.
وها هنا يقولون: إن عمر خاف ولم يكشف ما أراده وأخفاه ودلّسه، كصنيع المغلوب المقهور الخائف المترقب، فأقاويلكم يكذب بعضها بعضا، وأنتم تنقضون مذاهبكم وأصولكم بأيديكم، وتبعثون/ خصومكم على النقض عليكم، فلستم ممن يستقر له قول ولا يتقرر له مذهب.
وقد علمت رحمك الله في الجملة أنه ما كان يجري في ذلك الزمان وبحضرة أولئك السابقين ولا يقبل ولا يمتثل إلا الصواب، وإن من أتى بغيره ردّوه وأنكروه، وقد تقدم لك بيان ذلك وبرهانه، فكلما بلغك عنهم مما له ظاهر