والله ما كنت لأومن لرسول ليس من ثقيف، قال: وأقبلت إلى مكة فوجدته هو وأصحابه يضربون ويقهرون، فجعلت أقول: فأين جنده من الملائكة؟
ودخلني ما دخل الناس من التعاسة.
ولهذا نظائر من حديثهم، وقد كان معاوية يتحدث به في زمن ملكه وسلطانه، ويتحدث به عنه مروان بن الحكم، ويتحارون الأسباب التي أبطأت بهم عن الهجرة من الأنفة والرجال الذين كانوا يصدون عن ذلك من بني أمية، مثل عقبة بن أبي معيط، ومثل الحكم بن أبي العاص، ومثل أبي سفيان من بني أمية، ومن كان كذلك من بني مخزوم، وما كان يلحق من أسلم منهم من الأذى من هؤلاء.
كما كان يتحدث بذلك سهيل بن عمرو، وعمرو بن العاص، وغيرهم، ويذكر بعضهم بعضا في حياة النبيّ عليه السلام وبعد وفاته وبعد مضي الخلفاء الراشدين، فتعلم بصائر مسلمة الفتح والذين أبطؤوا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وإذا تأملت وجدت لبني أمية، وبني مخزوم من المهاجرين منهم، ومن مسلمة الفتح آثارا كثيرة عظيمة في نصرة الاسلام في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، والذي لهم بعد وفاته أعظم. ولم يكن الخلاف الذي كان بين أولئك القوم وبين أمير المؤمنين رضي الله عنه لشك في النبوة ولا لضعف/ بصائر هم فيها، لأن ذلك لو كان لبان كما قدمنا الدلالة على ذلك، لأنه لا يمكن أن تقول إن عبد الله ابن وهب الراسبي وأصحابه من الخوارج إنما خالفوا أمير المؤمنين وأكفروه وقاتلوه لبغضهم لرسول الله ولا لشكهم في نبوته، وقد كانت لهم عبادة وقراءة القرآن وصوم وأمور كثيرة حسنة، جميلة، يطول تفصيلها، غير أنهم أحبطوا ذلك كله. بمخالفتهم لأمير المؤمنين.
وكذلك معاوية، قد استعمله رسول الله صلّى الله عليه وسلم، واستعمله غير واحد من