الأرض كلها لك والخليفة ببغداد يومئذ جعفر المقتدر بالله، وهو صبي ونحن أجلسناه، وله اثنتا عشر سنة، وأولياؤه ومن حوله شيعته، من آل الفرات وآل بسطام وآل القاسم بن عبد الله وآل أبي البغل والكرخيين وآل نوبخت، فسير ابنه في سنة ثلثمائة في عساكر عظيمة من البر والبحر، وعنده أنه يظهر على الأرض كلها بسبب ما تقدم ذكره، ولأجل من بخراسان والبحرين من أهل هذه الدعوة.
فقدم مصر ونزل عليها في سنة اثنين وثلثمائة، وإذا أبو سعيد الجنابي قد قتل بالبحرين وقد ظهرت الفضيحة بها، ولقيه بظاهر مصر القاسم بن سيما الفرغاني في سبعة الاف فردّ تلك العساكر كلها ورجع ابن عبيد الله إلى أبيه بالمغرب بالخيبة والهزيمة، وذهبت تلك الاموال، وجاءت جواسيسه إلى الشيعة المقدم ذكرهم بالعراق تعنفهم فيما كان من إطماعهم له وما كان من القاسم بن سيما الفرغاني، فاعتذروا إليه وقالوا له: ارجع، فرد ابنه في سنة سبع وثلثمائة بأكثر من تلك الجيوش في البر والبحر، فنزل على مصر سنين متوالية، ونزل على/ عسكره في الماء ثممل الخادم من طرسوس في ثمانية عشر مركبا فهزمهم، فرجع إلى أبيه بالخيبة والهزيمة، ثم ردّ العسكر إلى مصر. وقد قتل المقتدر، فرجع بالخيبة والهزيمة. وكان مع هذه الحال يشتد على أهل القيروان وما يملكه من أرض المغرب بالجور وقتل الرجال واستصفاء الأموال وقصد الفقهاء والعلماء، وقد كان بثّ دعاته فيها يدعون الناس إليه وإلى طاعته، ويأخذون عليهم العهود، ويلقون إلى الناس من أمره بحسب عقولهم واحتمال كل طبقة منهم، فمنهم من يلقون إليهم أنه المهدي ابن رسول الله وحجة الله على خلقه، ومنهم من يلقي أنه رسول الله وحجة الله، ومنهم من يلقي أنه الله الخالق الرازق، فكان إذا ضج الناس من هذا وظهر منهم الانكار يأخذ