للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أفعل هذا، هؤلاء كلهم قرامطة، وهؤلاء قتلوا الحجاج بمكة، فإن تابوا من ذلك وبرئوا ممن فعله وتركوا التسمي بالسادة وليتهم، وإلا لم أفعل. فثقل على أبي عليّ هذا وكان يعترف بالتقصير وبريء من فعل إخوته وبنى عمه من من أبي سعيد وأبي طاهر وغير هما من آبائه وأخذ يعتذر لما صنعوا بمعاذير طويلة، وأنهم ما فعلوا ذلك عداوة للاسلام ولا خروجا عن طاعة الخلفاء من بني العباس، فما قبل/ ذلك المطيع، وأقام على منعهم. وطال خضوع أبي عليّ هذا فما أجابهم المطيع، فأشار عليه بختيار أو غيره بأن يذهب ويدّعي أن المطيع قد ولاك، وقيل له: العسكر الذين معك جندك وأهلك وأصحابك ومن مالك تنفق عليهم، ولست تطمع في أن يعطيك المطيع شيئا من مال ولا جند، فقبل ذلك.

وما كان رغبته في تقليد المطيع إلا لتقبله العامة بالشام ومصر، فلما لم يجبه المطيع إلى ذلك اتخذ هو لنفسه اعلاما سودا ورايات، وكتب عليها المطيع لله أمير المؤمنين، وتحته: السادة الراجعين إلى الحق، ثم سار إلى الشام. فلقي عساكر أبي تميم وواقعهم وقتلهم، وقتل أميرهم ابن فلاح، وقتل أصحابه، واستولى على الشام، وأقام الدعوة للمطيع ولخلفاء بين العباس، وأظهر تعظيمهم ووجوب طاعتهم، وأخذ في لعن أبي تميم، وذكر آبائه واحدا واحدا، وأنهم ولد القداح، وأنهم ما كانوا قط إلا كذابين ممخرقين أعداء الإسلام، يذهبون مذاهب الزنادقة. وأبو تميم قد انحجز مع عساكره بمصر، ومع هذا فيبذل له من الجزية والاتاوة أكثر مما «١» كان يأخذ قبل هذا، والحسن هذا يقرأ كتبه على الناس ويبين فيها عيّه ومخاريقه، وبلغ بأبي تميم الخوف منه إلى أن حصن مدينته بمصر وهي التي يسمونها القاهرة، وشيد سورها وأوثقه،


(١) في الأصل: «ما» .