للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الماسورين فأطلقه وأطلق غيره من الاسارى، فذهبوا وأصلحوا بينهم، وقبلوا الأموال والأتاوة من أبي تميم وأجراها لهم في كل سنة، فكفوا عنه، وأخذوها منه في حياته إلى أن مات، وأخذوها من ابنه هذا المتسمى بالعزيز، وهو نزار أبو المنصور بن معدّ، إلى أن حاصر الأصفر العقيلي/ القرامطة بالاحساء وقتل من يخرج منهم، فهم إلى هذه الغاية ما يحرج لهم سرية خوفا من الأصفر «١» .

وبادر نزار بن أبي تميم هذا فهادى الاصفر بهدايا كثيرة نفيسة، وحمل إليه أموالا عظيمة، وسأله أن يرسل إليه ثقة له، فأرسل الأصفر ابن أخته فأكرمه نزار الكرامة التامة، وحمل على سرج من ذهب، وقاد بين يديه الخيول، وأعطاه الأموال على أن يدعو خاله للدخول في دعوتهم على أن يقطعه البلدان العظيمة من أرض الشام. فمنع الأصفر من ذلك رجل معه من أصحاب أبي حنيفة يقال له أبو بكر محمد بن محمد النيسابوري، فقال له:

لا تغتر بما يظهره نزار من أنه من المسلمين وأنه يدعو إلى الإسلام وإلى الحق، فإنه شر من هؤلاء القرامطة الذين بالاحساء، وهم الأصل في الفساد الذي وقع في الاسلام، وخذ الاموال التي أعطوك فإنما هي هدايا أهدوها لك، وابتدؤوك بها. فأرسل الاصفر إلى نزار في جواب الرسالة: إني لست أجيبك إلى قبول ما بذلت من الاقطاع بالشام إلى أن أفرع من الاحساء وأهلها وأعرفك ما عندي.

فيقال لهؤلاء الدعاة: قد تفرغتم لشتم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأكثرتم الطعن فيما أتى به والتعجب من اتباعه والاقامة على دينه، من غير أن تجدوا له كذبة أو عثرة أو زلة كما لم يجده أسلافكم من اعدائه قبلكم، ولو كان كما


(١) انظر الجزء الأول من الكتاب، الصفحة ١٠٧