للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبطلانه من فم الانسان هلاكه، وبه يسيغ طعامه، وما في ذلك من النعم أكثر من أن يحصى، وهذا من تواضع الأنبياء وتعريف الناس أقدارهم، ولهذا بصق صلّى الله عليه وسلم يوما على كفه ثم وضع أصبعه عليه وقال: يقول الله تبارك وتعالى.

«ابن آدم أنّى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه، حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين بردين وللأرض منك وئيد، جمعت ومنعت، حتى إذا بلغت التراقي قلت: أتصدق وإني أو إن «١» .....

...... يقول القبر للميت حين يوضع فيه ويحك «٢» .... للظلمة وبيت الوحدة وبيت الدود، ما/ غرّك بي إذ كنت تمر بي قدادا. [وهو الذي يخطر في مشيته ويقدم رجلا ويؤخر أخرى ويتكبر.]

ولهذا قال مالك بن دينار للمهلب بن أبي صفرة وهو يمشي وكان ملكا عظيما وسلطانا كبيرا، ما هذه المشية التي يمقتها الله إلا بين الصفين، فقال له المهلب: أو تعرفني قال: نعم، قال ومن أنا؟ قال مالك: أنت الذي أولك نطفة مذرة، وآخرك جيفه قذرة، وأنت بينهما تحمل العذرة. فاستحيا المهلب وقال له: قد عرفتني حق المعرفة، وكم مثل هذا في وصايا السلف وآدابهم رضي الله عنهم، وهؤلاء يعيبونهم ويطالبونهم بالعجب والكبر، الذي لا ينبغي لمن صفته ما قال مالك بن دينار، كما يعيبونه صلّى الله عليه وسلم بأنه حرم المسكر والغناء، ولبس الحرير والديباج، واستعمال أواني الذهب والفضة، وكشف العورة والاشتراك في الزوجة.


(١) بياض في الأصل حوالى نصف سطر
(٢) بياض في الأصل حوالى نصف سطر