وهذا الذي احاله هذا الرجل جوازه قائم في العقل، يعلمه كل عاقل من عالم وجاهل، ونظار وغير نظار، فإن كان عاقلا وبلغ به المحل واللجاج الى أن ركب هذه المجاحدة والمكابرة فيما هو في فطر العقول كلها وفي اوائلها، فمن يعده او يعتد بقوله او يذكره فيمن يرد عليه ويتتبع عوراته وهو عورة كله من اوله الى آخره؟ ولو لم يكن له من الجهل والخروج من العقل إلا هذا لكفاه وأغناه، بل لو قسمت هذه الجهالة على جميع اهل الارض، من اولهم الى آخرهم لحطت منازلهم، واسقطت اقدارهم، حتى لا يعدوا فيمن ينقض عليه ويرد قوله. كيف، وله من الجهالات المستخفة المسقطة غير هذا مما إن طلبته وجدته ووقفت عليه.
ومن جهله انه اعتقد ان السماء والشمس والقمر والكواكب، عاقله مميزة سميعة بصيرة ضارة نافعة تحيي وتميت/، وان كل حادثة في هذا العالم من فعلها وتأثيرها. والعلم بأن السماء والشمس والقمر والنجوم جمادات وموات كالعلم بأن شعاع الشمس وشعاع القمر وضوء الكواكب والبرق والغيم والريح والمطر والبحر والماء والهواء والارض والنار جماد موات، ولا فرق بين من ادعى في الارض والنار والماء والهواء والنبات ذلك او ادعاه في الكواكب، بل كانت دعواه في الطعام والشراب والهواء واشباه ذلك انها حية قادرة نافعة ضارة تحيي وتميت اجدر وأدخل في الشغب ممن ادعى ذلك في الشمس والقمر والسماء والكواكب، فيقول: وجدت الهواء حيث كان جاز ان يكون معه الحيوان، وحيث لا يكون لا يكاد يوجد حيوان، وإذا ركد مرض الأصحاء ونهك المرضى وتعفن عنده الثمار والطعام والنبات، فعلمت انه حيّ سميع بصير قادر يحيي ويميت.
ثم يصير الى الماء فيقول: عند وجوده يوجد الحيوان والنبات وعند عدمه