للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٦)} [المائدة: ١٥ - ١٦].

وقال ابن كثير: وتخصيص الشام بظهور نوره إشارة إلى استقرار دينه وثبوته ببلاد الشام ولهذا تكون الشام في آخر الزمان معقلاً للإسلام وأهله، وبها ينزل عيسى ابن مريم بدمشق بالمنارة الشرقية البيضاء منها ولهذا جاء في الصحيحين: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك"، وفي صحيح البخاري: "وهم في الشام" (١).

عباد الله! وهذه الفرقة الناجية المنصورة هي التي عرفت ربّها فعبدته ولم تُشرك به شيئاً استجابةً لقوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} وعرفت رسولها فاتبعته وتأست به ولم تبتدع في دين الله استجابة لقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (٢١)} [الأحزاب: ٢١].

وعرفت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلكت منهجهم وسبيلهم استجابة لقوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}.

ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وستفترق أمتي على ثلاثٍ وسبعين فرقة كلهم في النار إلا


(١) انظر: "تفسير ابن كثير" (١/ ١٨٤)، رواه البخاري، كتاب "الاعتصام بالكتاب والسنة" (٨/ ١٨٩) رقم ٧٣١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>