أما اليوم فقد دخلها منصوراً نصراً مؤزراً، وصدقه الله وعده حيث قال له:{إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ}[القصص: ٨٥]. قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: لرادُّك ربك إلى مكة (١).
فصدق الله رسوله وعده وردَّه إلى مكة، وفتح له غيرها، ثم عاد - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة.
[العنصر الخامس: الدروس والعظات والعبر التي تؤخد من غزوة حنين]
أولاً: التوكل على الله تعالى لا ينافي الأخذ بالأسباب:
ويؤخذ هذا من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزواته، فكان يستعد للقاء العدو بالعددِ والعُدة.
وفي غزوة حنين استعار النبي - صلى الله عليه وسلم - أسلحة من صفوان بن أمية، وخرج بجيش كبير.
فلا يجوز لرجلٍ أن يُقدم على عدو دون أن يُعِدَّ العدة ويقول: أنا متوكل على الله، فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيد المتوكلين، ولكنه أخذ بالأسباب. لقوله تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}[الأنفال: ٦٠].
فهؤلاء الذين يتسرعون لملاقاة الأعداء -قبل أن يستعدوا إيمانياً ومادياً- يضيعون الوقت والجهود فلابد أن يعتبروا بفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ثانياً: الإعجاب بالكثرة يحجب نصر الله:
وهذا ما حدث في غزوة حنين فقال بعض المسلمين:"لن نُهزم اليوم من قلة"، فحجب هذا الإعجاب النصر في بداية المعركة.