للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثانياً: إحسان الظن بالمؤمنين

عباد الله! إذا سمع المؤمن حرباً إعلامية على أحد من المؤمنين، فيجب عليه أن يُحسن الظن بأخيه المؤمن، كما أنه يُحسن الظن بنفسه، استجابة لقوله تعالى: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (١٢)}، واستجابة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" (١).

عباد الله! وهذا ما فعلته أم مسطح -رضي الله عنها- عندما كذَّبت الخبر وردّته، بل ودعت على ولدها عندما قالت: تعس مسطح -أي هلك- وهي بذلك أحسنت الظنَّ بعائشة -رضي الله عنها- وأعلنت لربها أنها لا توالي من عادى أولياءه، ولو كان ذا قربى إلا أن يتوب إلى الله كما قال تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة: ٢٢].

وهذا الذي فعلته زينب بنت جحش -رضي الله عنها- عندما سألها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عائشة -رضي الله عنها- فقالت: يا رسول الله أحمى سمعي وبصري، ما رأيت إلا خيراً، وما سمعت إلا خيراً، والله ما علمت إلا خيراً" (٢).

وهذا الذي فعله أسامة بن زيد - رضي الله عنه - عندما استشاره النبي - صلى الله عليه وسلم - في فِراق أهله فقال أسامة - رضي الله عنه -: يا رسول الله! هم أهلك ولا نعلم! إلا خيراً وشهد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببراءة أهله.


(١) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ١٣)، ومسلم (رقم ٤٥).
(٢) متفق عليه، وهو قطعة من حديث الإفك، تقدم تخريجه.