للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العنصر الثالث: أحداث الغزوة.]

عباد الله! في ليلة الهجوم على خيبر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه مبشراً لهم بالفتح: "لأعطين هذه الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه".

فبات الناس يدكُّون -أي: يتهامسون -أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كلهم يرجو أن يعطاها.

فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أين علي بن أبي طالب؟ ".

فقالوا: يا رسول الله! هو يشتكي عينيه -أي: به رمد-

فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أرسلوا إليه" فأتي به.

فبصق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عينيه، فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية.

فقال علي - رضي الله عنه -: يا رسول الله! أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإِسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من أن يكون لك حمر النعم" (١).

يوجه النبي - صلى الله عليه وسلم - الصحابة إلى أن يحرصوا على دعوة الناس إلى الإِسلام، ولا يتطلعوا إلى الغنائم التي بعد الفتح.

عباد الله! أخذ علي - رضي الله عنه - الراية، وتحرك بجيش المسلمين إلى أول حصن من حصون اليهود، ألا وهو حصن ناعم وهو من أشد حصون اليهود تحصناً،


(١) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٢٩٤٢)، ومسلم (رقم ٢٤٠٦).