للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الخطبة التاسعة: مرحلة الدعوة إلى الله]

المرحلة الأولى: الدعوة إلى الله سراً

أيها الإخوة عباد الله! موعدنا في هذا اليوم -إن شاء الله تعالى- مع لقاء جديد من سيرة المصطفى- صلى الله عليه وسلم -، وحديثنا في هذا اللقاء سيكون عن المرحلة الأولى من مراحل الدعوة إلى الله تعالى ألا وهي المرحلة السرية في مكة.

عباد الله! في الجمعة الماضية تبين لنا أن الوحي نزل على رسولنا - صلى الله عليه وسلم - بغار حراء وقال له: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥)} [العلق: ١ - ٥].

ولما ذهب رسولنا - صلى الله عليه وسلم - إلى ورقة بن نوفل وقص عليه الخبر قال له ورقة: هذا الناموس الذي كان ينزل على موسى، ثم قال له ورقة: ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك، قال - صلى الله عليه وسلم -: "أو مخرجي هم؟! " قال ورقة: نعم، لم يأت أحدٌ بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً، ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي" (١).

"وفتر الوحي": أي تأخر مدةً من الزمان، ولا يعلم على وجه التحديد كم دامت مدة انقطاع الوحي ولكن يبدو أنها لم تدم طويلاً، فقد روى ابن سعد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- ما يفيد أنها كانت أياماً (٢).


(١) رواه البخاري (رقم ٣).
(٢) "فتح الباري" (١/ ٢٧)، (١٢/ ٣٦٠).