وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه:"هذه قريش قد ألقت إليكم بأفلاذ كبدها"؟ ونزل جيش الإِسلام بالعدوة الدنيا، ونزل جيش الكفر بالعدوة القصوى، ولا يعرف كل منهم ما وراء هذا اللقاء الرهيب.
[عباد الله! العنصر الثاني: يوم الفرقان يوم التقى الجمعان.]
هذا اليوم الذي فرق الله فيه بين الحق والباطل، وأعز الله فيه الإِسلام وأهله، وأذل فيه الكفر وأهله، يقول الله -عز وجل-: {يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤١) إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (٤٢) إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٤٣) وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤٤)} [الأنفال: ٤١ - ٤٤].
عباد الله! وبات الجيش المسلم ليلة الجمعة، ليلة السابع عشر من رمضان من السنة الثانية للهجرة ببدرٍ يرتقب هجوم العدو الكافر في أي ساعةٍ، فطار النوم من عيون المسلمين، وخافت قلوبهم، فأرسل الله عليهم النعاس، فناموا تلك الليلة حتى احتلم بعضهم، فلما أصبحوا ولا ماء أنزل الله عليهم من السماء ماءً فكان على المشركين وبالاً شديداًَ منعهم من المتقدم، وكان على المسلمين طلاً طهرهم به وأذهب عنهم رجز الشيطان، ووطأ به الأرض، وصلَّب به الرمل، وثبت به الأقدام، ومهد به المنزل، وربط به على