عباد الله! وبالفعل بدأ الكفار -والكفر ملة واحدة- في التحرش بالمسلمين ولكن لا عن طريق التصريح والمواجهة، بل عن طريق الحيلة والمكر والخديعة والغدر ويظهر ذلك جلياً من ماساة يوم الرجيع، ومأساة بئر معونة.
عباد الله! تعالوا بنا لنستمع إلى ما حدث في يوم الرجيع، وما حدث عند بئر معونة، ليتبين للجميع أن الغدر والمكر والخيانة من شيم وأخلاق الكفار من قديم الزمان وحتى يومنا هذا، وليست من شيم المسلمين.
أولاً: مأساة يوم الرجيع.
والرجيع هو: اسم للمكان الذي وقعت عنده المأساة، وتتلخص هذه المأساة فيما يلي:
أرسلت قبيلتان من القبائل العربية المجاورة للمدينة -عضل والقارة- وافدهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يخبره أن بهم إسلاماً، وأنهم يريدون أن يبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم من يفقههم في الدين، ويعلمهم القرآن وأحكام الإِسلام، ولما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - حريصاً على تبليغ دين الله -عز وجل- ونشر الإِسلام وإظهاره استجابة لأمر ربه {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}، فقد استجاب لهم - صلى الله عليه وسلم - وبعث لهم عشرة من أصحابه وأمَّرَ عليهم عاصم بن ثابت - رضي الله عنه -.
فلما وصل الوفد إلى مكان يسمى الرجيع بين عسفان ومكة، أغار عليهم بنو لحيان (من هذيل) وهم قريب من مائتي مقاتل، فأحاطوا بهم وقد لجأ الوفد من الصحابة إلى مكان مرتفع.
قال المشركون للوفد: لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا أن لا نقتل منكم رجلاً فقال عاصم -وهو أميرهم-: أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهم