للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخرى قال عمر: "لا سواءٌ قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار" (١).

عباد الله! مَثّلَ المشركون يوم أحد بقتلى المسلمين، جدعوا أُنوفهم وآذانهم، وبقروا بطونهم حتى إن هنداً بنت عتبة بقرت بطن حمزة - رضي الله عنه - واستخرجت كبدهُ فلاكتها ثم لفظتها، وَمَثَّلوا بأنس بن النضر حتى أنه ما عرفهُ أحد إلا أخته عرفته ببنانه" (٢).

[العنصر الثالث: ما فعله الرسول- صلى الله عليه وسلم -بعد انتهاء الغزوة.]

عباد الله! ولما ولَّى المشركون مدبرين ولم يحرزوا نصراً، ولم يقتلوا ما أرادوا من المسلمين، ولكنهم أصابوا من المسلمين ما أصابوا لحكمة يريدها الله، قام - صلى الله عليه وسلم - وصف المسلمين خلفه ثم رفع يديه يثني على ربه:

"اللهم لك الحمد كلُّه، اللهم لا قابض لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لما أضللت، ولا مضل لما هديت، ولا معطى لما منعت، ولا مانع لما أعطيت ولا مُقرِّب لما بعدت، ولا مبعد لما قربت، اللهم ابسط علينا من فضلك ورحمتك وبركتك ورزقك، اللهم إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول، اللهم إني أسألك العون يوم القيلة -أي الفاقة-، والأمن يوم الخوف، اللهم إني عائذ بك من شر ما أعطيتنا وشر ما منعتنا.

اللهم حبب إلينا الإيمان وزينهُ في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهم توفنا مسلمين، وأحينا مسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين، اللهم قاتل الكفرة الفجرة، الذين


(١) رواه البخاري (رقم ٣٠٣٩، ٤٠٤٣).
(٢) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٢٨٠٥)، ومسلم (رقم ١٩٠٣).