انتهيت إلى درجة له فوضعت رجلي وأنا أرى أني قد انتهيت إلى الأرض فوقعت في ليلة مقمرة، فانكسرت ساقي فعصبتها بعمامة ثم انطلقت حتى جلست على الباب فقلت: لا أخرج الليلة حتى أعلم أقتلته؟
فلما صاح الديك قام الناعي على السور، فقال: أنعي أبا رافع تاجر أهل الحجاز فانطلقت إلى أصحابي فقلتُ النجاء -أي أسرعوا- فقد قتل الله أبا رافع فانتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فحدثته فقال لي:"ابسط رجلك" فبسطتُ رجلي فمسحها فكأنها لم أشتِكها قط" (١).
عباد الله! وهكذا تخلص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون من رؤوس الأفاعي من اليهود- لعنهم الله-، الذين تربوا على الغدر والخيانة ونقض العهود والمواثيق {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (٤٩)} فكل من كان على المسلمين وسعى في استئصالهم؛ هذا هو مصيره في الدنيا القتل والفضيحة، {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٨٥)}.
[العنصر الثالث: الدروس والعظات والعبر التي تؤخد من غزوة بني قريظة.]
أولاً: الله -عز وجل- للظالمين بالمرصاد، كما قال تعالى:{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ}[إبراهيم: ٤٢]، وقال تعالى: {مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (٣٤)}.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (١٠٢)} ".