العنصر الخامس: الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من فتح مكة.
[العنصر الأول: سبب هذا الفتح]
صَالَحَ النبي - صلى الله عليه وسلم - قريشاً صلح الحديبية، وأعطاهم فيه كل ما سألوه مما يعظم حرمات الله، وكان من بنود هذا الصلح:
أولاً: وضع الحرب بين الطرفين عشر سنين.
ثانياً: من أحب أن يدخل في عقد محمَّد - صلى الله عليه وسلم - وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه، وأن القبيلة التي تنضم إلى أي الفريقين تعتبر جزءاً من ذلك الفريق، فأي عدوان تتعرض له أي من تلك القبائل يعتبر عدواناً على ذلك الفريق، وحسب هذا البند دخلت خزاعة في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودخلت بنو بكر في عهد قريش.
عباد الله! وظل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفياً لقريش بعدها، ملتزماً بكل شروط الصلح، حتى إذا كانت السنة الثامنة للهجرة عَدَتْ بنو بكر حليفة قريش على خزاعة حليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقتلت منهم رجالاً، وعاونتهم قريش على هذا الاعتداء فنقضت بذلك عهدها مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، وتعرف قريش أن هذا نقض صريح لصلح الحديبية، وعدوان سافرٌ على حلفاء المسلمين؛ ولذلك رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الوقت قد حان للقضاء على قريش.
[العنصر الثاني: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستعد للخروج إلى مكة في سرية تامة.]
عباد الله! أصدر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره للجيش المسلم بالتجهيز والاستعداد للخروج للغزو، ولم يُعلمهم بوجهته، وحرص - صلى الله عليه وسلم - على السرية التامة لئلا تستعد قريش للقتال، وقد استنفر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القبائل التي حول المدينة: