للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عباد الله! استمر عقد الإخاء بين المهاجرين والأنصار، إذا مات أحدهما ورثه أخوه دون ابن أمه وأبيه إلى أن أنزل الله -عز وجل- قوله: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (٦)} [الأحزاب: ٦].

فنسخت روابط الإخاء وبقيت أخوة النسب دون أخوة الإخاء الذي أمضاه النبي - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار.

[العنصر الثالث: حقوق الأخوة في الله]

أنزل الله -تبارك وتعالى- قوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} فربط الله -عز وجل- بين المسلمين برابطة الإيمان التي هي أقوى من رابطة النسب والوطن واللغة، فالمؤمنون إخوة وإن تباعدت أقطارهم، المؤمنون إخوة وإن تباعدت أجسادهم، يقول - صلى الله عليه وسلم -: "المسلم أخو المسلم" (١).

ويقول - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً" (٢) وشبك بين أصابعه.

عباد الله! وهذه الأخوة في الله لها حقوق كثيرة منها:

أولاً: التناصح والتآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر، فالمسلم ناصح لأخيه المسلم أما المنافق يفضح قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ


(١) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٢٤٤٢)، ومسلم (رقم ٢٥٨٠).
(٢) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٤٨١)، ومسلم (رقم ٢٥٨٥).