للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الوحي، ولذلك لم يوبخهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنَّ هذا جهلٌ لا يُكفِّرْ، ولذا لم يُكفرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بقولهم.

[العنصر الثالث: أحداث الغزوة]

عباد الله! وصل الجيش الإِسلامي إلى وادي حنين، وكان مالك بن عوف -قائد جيش الشرك والوثنية حينئذ- قد سبقهم، فأدخل جيشه بالليل في ذلك الوادي، وصنع كميناً للمسلمين في الطرق والمداخل والشعاب والمضايق، وأصدر أمره للجيش بأن يرشقوا المسلمين إذا طلعوا عليهم ثم يشدوا عليهم شدة رجل واحدٍ.

عباد الله! وبالسَّحرِ عبأ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - جيشه، وعقد الألوية والرايات وفرقها على الناس، وفي عماية الصبح -أي ظلامه-، استقبل المسلمون وادي حنين وشرعوا ينحدرون فيه، وهم لا يدرون بوجود كمناء العدو في مضايق هذا الوادي.

فبينما هم ينحطون إذا هم تمطر عليهم النبال، وإذا كتائب العدو قد شدَّتْ عليهم شدَّة رجلٍ واحد، فانشمر المسلمون راجعين -أي انفضوا وانهزموا- لا يلوى أحدٌ على أحدٍ، وكانت هزيمة منكرة، وشمت الأعداءُ بهزيمة المسلمين، فقال بعضهم: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر -يريد أن المسلمين هُزموا هزيمة لا قائمة لهم بعدها أبداً-، وقال آخرُ: ألا بطل السحرُ اليوم، وقال ثالث: اليوم أدركُ ثأري من محمدٍ، اليوم أقتلُ محمداً.

عباد الله! وانحاز النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات اليمين وأخذ ينادي: أين أيها الناس؟ هلموا إليَّ، أنا رسول الله، أنا محمَّد بن عبد الله فلا يردُ عليه أحدٌ، وركبت الإبل بعضها بعضاً وهي موليةٌ بأصحابها.

ولم يبق حول النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا عددٌ قليل من المهاجرين والأنصار، وأهل