بيته، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - تركض بغلته قبل الكفار، ويقول:
أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب
يقول العباس: وأنا آخذٌ بلجام بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أكفّها إرادة أن لا تسرع، وأمر النبي- صلى الله عليه وسلم - العباس -وكان جهير الصوت- أن ينادي: يا معشر الأنصار يا معشر الأنصار، يا أصحاب بيعة الرضوان، فأجابوا لبيك لبيك، حتى إذا اجتمع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفرٌ منهم، استقبلوا العدو واقتتلوا وتلاحقت كتائب المسلمين واحدة تلو الأخرى، وتجالد الفريقان مجالدة شديدة، ونظر النبي- صلى الله عليه وسلم - إلى ساحة القتال، وقد احتدم القتالُ فقال:"الآن حَمِيَ الوطيسُ" وتوجه النبي- صلى الله عليه وسلم - إلى ربه بالدعاء فقال - صلى الله عليه وسلم -:
"اللهم نزل نصرك"، ثم أخذ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - حصيات فرمى بهن وجوه الكفار ثم قال:"انهزموا ورب محمَّد" وقال: "شاهت الوجوه" فما خلق الله إنساناً من الكفار إلا ملأ عينيه تراباً من تلك القبضة- وولوا من أرض المعركة مدبرين، والمسلمون يحصدونهم حصداً-
يقول العباس: فوالله ما هو إلا أن رماهم حتى رأيت حدَّهم كليلاً، وأمرَهم مدبراً، وفي غزوة حنين نزل قول الله تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (٢٥) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (٢٦)} [التوبة: ٢٥ - ٢٦].
عباد الله! ولَّى المشركون الأدبار، واعتصموا بناحيةٍ يقالُ لها:(أوطاس) فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - في أعقابهم أبا عامر الأشعري فقاتلهم حتى قُتِلَ فأخذ