للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صدر منه كان معذوراً فيه بل هو مأجور لأنه مجتهد فيه (١).

[العنصر الخامس: الأحداث التي وقعت بعد الصلح]

عباد الله! لما فرغ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - من الصلح قال لأصحابه: قوموا فانحروا ثم احلقوا، فوالله ما قام منهم رجل واحد، قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة -رضي الله عنها- فذكر لها ما لقي من الناس.

قالت أم سلمة: يا نبي الله! أتحب ذلك، اخرج ولا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك.

فخرج - صلى الله عليه وسلم - فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنة وحلق، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً.

عباد الله! وقبل أن يرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة جاءه نسوة مهاجرات فماذا يفعل فيهن؟

فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: ١٠].

عباد الله! وبعد أن رجع النبي- صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة جاءه رجل من قريش يقال له أبو بصير وهو مسلم، فبعثت قريش في طلبه رجلين، فأتيا النبي - صلى الله عليه وسلم -


(١) "فتح الباري" (٥/ ٣٤٦ - ٣٤٧).