للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الراية منه ابنُ أخيه أبو موسى الأشعري فما زال يقاتل العدو حتى بدَّد شملهم وهُزموا شر هزيمةٍ.

ومالك بن عوف- قائد المشركين يومئذ- ومن معه من رجالات قومه قرروا أن يمضوا في الفرار حتى يصلوا إلى "الطائف"، فيتحصنوا بحصنها تاركين في هذا الفرار مغانم هائلة، فخلف العدو في أرض المعركة أربعة وعشرين ألفاً من الإبل، وأكثر من أربعين ألفاً من الغنم، وأربعة آلاف أوقية من الفضة، هذا إلى جانب ستة آلاف من السبي (١).

عباد الله! وكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُقسم على الناس هذه الغنائم، وتأنى يبتغي أن يرجع القوم إليه تائبين، فيأخذوا ما فقدوا، ومكث ينتظرهم بضع عشرة ليلة فلم يجئه أحد، فجمع النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الغنائم في (الجعرانة) وعين عليها حارساً، ثم خرج - صلى الله عليه وسلم - بنفسه حتى أتى حصن الطائف الذي تحصن به مالك بن عوف ومن معه، وحاصرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وطال الحصار، فلما طال الحصار ولم ينزلوا، رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن معه من المسلمين.

[العنصر الرابع: حكمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تقسيم الغنائم]

عباد الله! عاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الطائف بجيش المسلمين إلى (الجعرانة) وفي (الجعرانة) كانت غنائم حنين الجليلة، وبدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تقسيم الغنائم بسياسة خفيت حكمتها على بعض الصحابة آنذاك، حيث حظي بهذه الغنائم الطلقاء والأعراب تاليفاً لقلوبهم لقرب عهدهم بالإِسلام، وعدم تمكن معاني الإيمان من قلوبهم.


(١) انظر "فقه السيرة" (ص ٤٢٥) الغزالي.