للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالت بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى بَرْكِ الغماد (١) لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه.

فقال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم - خيراً ودعا له.

ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشيروا عليَّ أيها الناس؟ وإنما يريد الأنصار .. فلما قال ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له سعد بن معاذ: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال: أجل.

قال سعد: فقد آمنا بك، وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة لك، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجلٌ واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً، إنا لصُبرٌ في الحرب، صُدقٌ عند اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقرُ به عينك، فسر على بركة الله. فسُر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بقول سعد ونشّطه ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: "سيروا وأبشروا فإن الله وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم" (٢).

عباد الله! فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - طاعة الصحابة وشجاعتهم، واجتماعهم على القتال، وحبهم للتضحية، بدأ بتنظيم جندهُ ثم أرسل عيونه - الجواسيس- يأتونه بأخبار القوم، فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - أين القوم، وعددهم، ومن فيهم من أشراف قريش.


(١) وهو مكان يضرب فيه المثل في البعد.
(٢) انظر "السيرة النبوية الصحيحة"، أكرم ضياء العمري (١/ ٣٥٨ - ٣٥٩).