للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهكذا اقترب كلا الفريقين من الآخر، وهو لا يدري ما وراء هذا اللقاء الرهيب.

عباد الله! ولما وصل الخبرُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أن كفار قريش قد خرجوا لملاقاتهم، وأن العيرَ قد نجت، وهي على مشارف مكة استشار أصحابه في لقاء العدو،

فقال بعضهم: ما خرجنا إلا للعير، وما أردنا النفير، ولم نستعد له، وقد أخبرنا الله -عز وجل- في كتابه عن هؤلاء، فقال تعالى: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (٥) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٦) وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (٧)} [الأنفال: ٥ - ٧].

عباد الله! وكان الأنصار قد بايعوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - في بيعة العقبة الثانية على أن يحموه في بلدهم (المدينة)، ولم يبايعوه على القتال معه خارج المدينة، لذلك اقتصرت السرايا التي سبقت بدرٍ على المهاجرين، ونظرًا لوجود الأنصار مع المهاجرين ببدرٍ، وتفوقهم العددي الكبير فقد أراد الرسول - صلى الله عليه وسلم - معرفة رأيهم من الموقف الجديد.

فاستشار - صلى الله عليه وسلم - أصحابه عامةً وقصد الأنصار خاصة.

وقد روى ابن إسحاق خبر المشورة بسند صحيح قال:

"فاستشار الناس وأخبرهم عن قريش، فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن، ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله امضي لما أراك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما