فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لقد لقيت من قومك وكان أشد ما لقيته منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا سحابة قد أظلتني، فنظرت فيها فإذا جبربل عليه السلام فناداني فقال: يا محمَّد إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال: يا محمَّد إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربي إليك لتأمرني بأمرك. فما شئت؛ إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين (أي الجبلين)!
فقال - صلى الله عليه وسلم -: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئاً" (١).
الله أكبر، إنها أخلاق النبوة، إنه العفو والصفح، فهكذا يا دعاة الإِسلام تعلموا الصبر، وأقبلوا على الله -عز وجل-، وادعوا الناس إلى هذا الدين بالحكمة والموعظة الحسنة، قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (١٥٩) إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٦٠)} [آل عمران: ١٥٩ - ١٦٠].