للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبي - صلى الله عليه وسلم - على أشد حال بُعث عليها فيه نبي من الأنبياء في فترة وجاهلية؛ ما يرون أن ديناً أفضل من عبادة الأوثان، فجاء بفرقان فرق به بين الحق والباطل، وفرق بين الوالد وولده، حتى أن الرجل ليرى والده وولده أو أخاه كافراً، وقد فتح الله قفل قلبه للإيمان- يعلم أنه إن هلك دخل النار، فلا تقر عينه وهو يعلم أن حبيبه في النار، وأنها للَّتي قال الله -عز وجل- {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (٧٤)} [الفرقان: ٧٤] (١).

الشاهد من كلام المقداد، أنه طلب من الرجل أن يحمد الله -عز وجل-، فإنه كان في أول الإِسلام من الناس من رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشهده، ومع ذلك لم يتبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يجبه وأكبهم الله على مناخرهم في النار، ومن الناس من تعرض للبلاء بسبب إيمانه فيقول لهم (احمدوا الله) بأنكم لم تتعرضوا للبلاء الذي تعرضنا له في أول الإِسلام.

رابعاً: وعن قيس بن أبي حازم - رحمه الله- قال: "سمعت سعيد بن زيد في مسجد الكوفة يقول: "والله لقد رأيتني وإن عمر لموثقي على الإِسلام قبل أن يسلم عمر" (٢).

وقوله (وإن عمر لموثقي على الإِسلام): أي: إن عمر - رضي الله عنه - ربطه بسبب إسلامه، إهانة له، وإلزاماً بالرجوع عن الإِسلام، وكان ذلك قبل إسلام عمر.

شدة .. عذاب .. ابتلاء لا يعلمه إلا الله.


(١) "صحيح السيرة النبوية" الألباني (ص١٤٠).
(٢) رواه البخاري (رقم ٣٨٦٢).