للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عباد الله! وهذا أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - يخبرنا عن هجرته هو وأصحابه إلى الحبشة.

عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: "بلغنا مخرج النبي- صلى الله عليه وسلم - ونحن باليمن، فركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة فوافقنا جعفر بن أبي طالب، فأقمنا معه حتى قدمنا، فوافقنا النبي - صلى الله عليه وسلم - حين افتتح خيبر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لكم أنتم يا أهل السفينة هجرتان" (١).

عباد الله! قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك عندما قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لأصحاب السفينة: "سبقناكم بالهجرة، فنحن أحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - منكم"، فلما بلغ الخبر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ما هو بأحق بي منكم وله (أي: لعمر وأصحابه) هجرةٌ واحدة ولكم يا أهل السفينة هجرتان" (٢).

ولما عاد مهاجروا الحبشة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل يسألهم ويخبرونه بما رأوا في أرض الحبشة من أعاجيب:

فعن جابر - رضي الله عنه - قال: لما رجع مهاجروا البحر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا تحدثوني بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة؟! " قال فتية منهم: بلى يا رسول الله! بينما نحن جلوس، إذ مرت عجوز من عجائز رهابينهم تحمل على رأسها قُلَّةً من ماء، فقام إليها فتىً من فتيانهم فوضع إحدى يديه بين كتفيها ثم دفعها فخرت على ركبتيها. فانكسرت قلتها، فلما ارتفعت، التفتت إليه فقالت: سوف تعلم، يا غُدر! إذا وضع الله الكرسي، وجمع الأولين والآخرين، وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون،


(١) رواه البخاري (٤٢٣٠، ٤٢٣١).
(٢) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٤٢٣٠، ٤٢٣١)، ومسلم (رقم ٢٥٠٢، ٢٥٠٣).