وسمى حراماً لحرمته وهو أول بيت وضع في الأرض، {إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} بفلسطين: وسمى بالأقصى لبعده عن المسجد الحرام، وهو ثاني بيت بني لله في الأرض، سئل - صلى الله عليه وسلم -: "أي بيت وضع في الأرض أول؟ قال: المسجد الحرام. قيل: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى. قيل: كم كان بينهما؟ قال: أربعون سنة"(١).
رابعاً: وفي قوله تعالى: {الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} فالمسجد الأقصى مبارك، والأرض التي حوله مباركة، وهي بركات دينية ودنيوية.
خامساً: وفي قوله تعالى: {لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا} تلك هي حكمة الإسراء، لقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في رحلته؛ ما أذهب عن صدره الآلام والأحزان والروع والخوف، وليربط على قلبه وليثبت فؤاده، وليكون من المؤمنين أن الله معه ولن يتخلى عنه، وأن الله ناصره.
عباد الله! وفي كتاب ربنا ذكر الله قصة المعراج وثمرته في قوله تعالى:{وَلَقَدْ رَآهُ} يعني جبريل {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (١٥) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (١٦) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (١٧) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (١٨)} [النجم: ١٣ - ١٨].
فالإسراء والمعراج ثابت في كتاب ربنا.
وكان بالروح والجسد وفي اليقظة لقوله تعالى:{بِعَبْدِهِ} والعبد لا يكون إلا بالروح والجسد، ولقوله تعالى: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (١٧)} والبصر
(١) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٣٣٦٦)، ومسلم (رقم ٥٢٠).