للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكانت تقول: والله ما أعلم أهل بيت في الإِسلام أصابهم ما أصاب آل أبي سلمة. وما رأيت صاحباً قط أكرم من عثمان بن طلحة" (١).

الشاهد يا عباد الله! أن ننظر إلى الصعوبات التي تغلب عليها المسلمون، وهاجروا من مكة إلى الدينة فراراً بدينهم.

عباد الله! وهذا صهيب الرومي - رضي الله عنه - لما أراد الهجرة قال له كفار قريش: أتيتنا صعلوكاً حقيراً، فكثر مالك عندنا وبلغت الذي بلغت، ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك والله لا يكون ذلك.

فقال لهم صهيب: أرأيتم إن جعلت لكم مالي أتخلون سبيلي؟

قالوا: نعم.

قال: فإني قد جعلت لكم ما لي. فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

فقال: ربح صهيب، ربح صهيب" (٢).

فانظروا عباد الله!، ضحى صهيب بماله كله ليفر بدينه الذي هو أغلى من كل شيء قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (٢٠٧)} [البقرة: ٢٠٧].

عباد الله! وهذا مثال ثالث يبين الأساليب التي اتخذتها قريش لمنع المسلمين من الهجرة إلى المدينة.

قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "اتعدت (أي تواعدت) - لما أردنا الهجرة إلى المدينة- أنا وعيّاش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاص التناضب من إضاءة


(١) "سيرة ابن هشام" (١/ ٤٦٩ - ٤٧٠)، وانظر "السيرة النبوية الصحيحة" أكرم ضياء العمري (١/ ٢٠٢ - ٢٠٤).
(٢) قال الألباني: حديث صحيح "فقه السيرة" (ص ١٥٧).