للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منها، وأمر أصحابه فأكلوا معه، قال: فقلت في نفسي: هاتان اثنتان، ثم جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ببقيع الغرقد، قال: وقد تبع جنازة من أصحابه، عليه شملتان له، وهو جالس في أصحابه، فسلمت عليه ثم استدرت أنظر إلى ظهره؛ هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي، فلما رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استدبرته؛ عرف أني استثبت في شيء وصف لي، قال: فألقي رداءه عن ظهره، فنظرت إلى الخاتم فعرفته، فانكببت عليه أقبله وأبكي، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تحول". فتحولت، فقصصت عليه حديثي -كما حدثتك- يا ابن عباس! قال: فأعجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يسمع ذلك أصحابه. ثم شَغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدر واحد، قال: ثم قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كاتب يا سلمان". فكاتبت صاحبي على ثلاث مئة نخلة أحييها له بالفقير وبأربعين أوقية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعينوا أخاكم".

فأعانوني بالنخل، الرجل بثلاثين ودية (صغار النخل)، والرجل بعشرين، والرجل بخمس عشرة، والرجل بعشر -يعني الرجل بقدر ما عنده- حتى اجتمعت لي ثلاث مئة ودية، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اذهب يا سلمان! ففقر لها، فإذا فرغت فأتني أكون أنا أضعها بيدي". ففقرت لها، وأعانني أصحابي، حتى إذا فرغت منها جئته فأخبرته، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معي إليها، فجعلنا نقرب له الودي، ويضعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده، فوالذي نفس سلمان بيده؛ ما ماتت منها ودية واحدة، فأديت النخل وبقي علي المال، فأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المغازي، فقال: "ما فعل الفارسي المكاتب؟ ". قال: فدعيت له. فقال: "خذ هذه فأدِّ بها ما عليك يا سلمان! ". فقلت: وأين تقع هذه يا رسول الله مما علي؟ قال: "خذها؛ فإن الله -عز وجل- سيؤدي بها عنك".