للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول: "استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم" (١).

فانظروا عباد الله!، يوم أن كانت الصفوف على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستوية اتحدت القلوب، ويوم أن أصبحت الصفوف في أيامنا معوجة كانت القلوب مختلفة فتفرقت الأمة وضعفت، وقوي الأعداء علينا.

وعن النعمان بن بشير - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسوّي صفوفنا حتى كأنما يسوي بها القداح، حتى رأى أن قد عقلنا عنه. ثم خرج يوماً فكاد أن يكبر فرأى رجلاً بادياً صدره من الصف فقال: "عباد الله! لتُسوُّنَّ صفوفكم، أو ليخالفنَّ الله بين وجوهكم" (٢).

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أقيموا الصفوف، حاذوا بين المناكب، سدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم، ولا تذروا فرجات للشيطان، من وصل صفاً وصله الله، ومن قطع صفاً قطعه الله" (٣).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إنما جعل الإِمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعين" (٤).

فانظروا عباد الله! إلى هذا النظام، الصفوف مستوية خلف إمام واحد وهم ملتزمون بهديه، مقتدون بفعله، لا يكبرون حتى يكبر، ولا يركعون


(١) رواه مسلم (رقم ٤٣٢).
(٢) رواه مسلم (رقم ٤٣٦).
(٣) "صحيح سنن أبي داود" (١٦٢٠).
(٤) "صحيح الجامع" (٢٣٥٣).