للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجعل - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً" (١).

عباد الله! وتأليفاً من النبي - صلى الله عليه وسلم - لقلوب اليهود، وطمعاً في إسلامهم: توجه - صلى الله عليه وسلم - في صلاته إلى بيت المقدس بأمر الله له.

ورأى اليهود يصومون يوم عاشوراء؛ فسألهم عن سبب صيامهم فقالوا: ذاك يوم نجَّى الله تعالى فيه موسى وبني إسرائيل، وأهلك فرعون وملأه؛ فنحن نصومه شكراً لله -عز وجل- فقال - صلى الله عليه وسلم -: "نحن أحق بموسى منكم" فصامه وأمر بصيامه" (٢).

وظل - صلى الله عليه وسلم - يوافقهم على ما هم عليه؛ فيما لم يأته فيه وحي من الله -عز وجل- تأليفاً لقلوبهم، فعن ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه.

"وكان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم، فسدل النبي - صلى الله عليه وسلم - ناصيته ثم فرق بعد" (٣).

سدل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناصيته تأليفاً منه لليهود، وموافقة لهم حتى يكون قريباً منهم، ومع ذلك لم يستجيبوا له، ثم فرق بعد أن دخل الوثنيون في الإِسلام وأبى اليهود إلا الكفر.

عباد الله! وكان القرآن الكريم ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - مفرقاً في العلاقة بين


(١) رواه البخاري (رقم ٣١٦٦).
(٢) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٢٠٠٥)، ومسلم (رقم ١١٣١).
(٣) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٣٥٥٨)، ومسلم (رقم ٢٣٣٦) واللفظ له.