عباد الله! ومع ذلك كله، فقد أصر اليهود على الكفر، واستكبروا استكبار، ومكروا للإسلام والمسلمين مكراً كباراً، فمن مكرهم وخديعتهم، أن يدخل في الإِسلام نفر منهم أول النهار، ويجلسون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين المسلمين، ويراهم المسلمون جميعاً، حتى إذا كادت الشمس تغرب رجع هؤلاء اليهود عن إسلامهم آخر النهار وذلك حتى يقال: إن اليهود أهل نبوة وأهل كتاب، وعندهم علم من السماء فقد دخلوا في الإِسلام يظنونه دين الحق، فلما دخلوا فيه تبين لهم أنه ليس دين الحق، ولذلك رجعوا عنه فتكون هذه فتنة لضعاف الإيمان، والذين لم يدخل الإيمان في قلوبهم بعد، والله -عز وجل- الذي خلقهم يعلم طبائعهم وخبثهم، فأخبرنا في كتابه عن صنيعهم، قال: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٧٢) وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ} [آل عمران: ٧٢ - ٧٣].
وحذر ربنا -جل وعلا- اليهود من هذا الفعل، فقال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٩٩)} [آل عمران: ٩٩].