للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)} [القلم:٤]، فمهما تكلمنا عن أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا نعطيه حقه، ولما سئلت عائشة - رضي الله عنها - عن خُلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: "كان خلقه القرآن" (١).

عباد الله! "ومن دراسة سيرته وقراءة الأحاديث النبوية في صفاته الخُلُقية تُطالعنا صور التواضع المقترن بالمهابة، والحياء المقترن بالشجاعة، والكرم الصادق البعيد عن حب الظهور، والأمانة المشهورة بين الناس، والصدق في القول والعمل، والزهد في الدنيا عند إقبالها، وعدم التطلع إليها عند إدبارها، والإخلاص لله في كل ما يصدر عنه، مع فصاحة اللسان وثبات الجنان، وقوة العقل، وحسن الفهم، والرحمة للكبير والصغير، ولين الجانب ورقة المشاعر وحب الصفح والعفو عن المسيء، والبعد عن الغلظة والجفاء والقسوة، والصبر في مواطن الشدة والجرأة في قول الحق" (٢).

يقول أنس - رضي الله عنه -: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خلقاً" (٣). ويقول أيضاً - رضي الله عنه -: "ما مسستُ ديباجاً ولا حريراً ألين من كف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا شممت رائحة قطُّ أطيب من رائحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولقد خدمتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين، فما قال لي أفٍّ قط، ولا قال لشيء فعلته: لم فعلته؟ ولا لشيء لم أفعله: ألا فعلت كذا؟ (٤).


(١) رواه مسلم (رقم ٧٤٦) وقد مضى.
(٢) "السيرة النبوية الصحيحة"، أكرم ضياء العمري (ص ٨٩).
(٣) رواه مسلم (رقم ٢٣٠١) ومتفق عليه من حديث البراء بنحوه، أخرجه البخاري (رقم ٣٥٤٩)، ومسلم (رقم ٢٣٣٧).
(٤) متفق عليه، أخرجه البخاري (رقم ٣٥٦١) ومسلم (رقم ٢٣٣٠).