للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عباد الله! بدأ القتال بمبارزاتٍ فردية، فقد تقدم عتبة بن ربيعة وتبعه ابنهُ الوليد وأخوه شيبة طالبين المبارزة، فانتُدب لهم شباب من الأنصار فرفضوا مبارزتهم، طالبين مبارزة بني قومهم، فأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - حمزة وعلياً وعبيدة بن الحارث بمبارزتهم.

وقد تمكن حمزة من قتل عتبة، ثم قتل عليٌ شيبة، وأما عبيدة فقد تصدى للوليد وجرح كل منهما صاحبه فعاونه عليٌ وحمزة فقتلوا الوليد واحتملا عبيدة إلى معسكر المسلمين" (١).

عباد الله! وقد أثرت نتيجة المبارزة في معسكر قريش وبدأوا بالهجوم، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بنضح المشركين بالنبل إذا اقتربوا منهم، حرصاً على الإفادة من النبال بأقصى ما يُستطاع.

فقال - صلى الله عليه وسلم - "إذا أكثبوكم -يعني دنوا منكم- فارموهم واستبقوا نبلكمُ" (٢).

ورمى النبي - صلى الله عليه وسلم - الحصى في وجوه المشركين وقال: "شاهت الوجوه".

قال تعالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال:١٧].

عن حكيم بن حزام قال: لما كان يوم بدر أُمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فأخذ كفاً من الحصى فاستقبلنا به فرمى بها وقال: "شاهت الوجوه".

فأنزل الله -عز وجل-: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} (٣).

عباد الله! وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: "قوموا إلى جنةٍ عرضها السماوات


(١) صحيح أبي داود (٢٣٢١).
(٢) رواه البخاري (رقم ٢٩٠٠).
(٣) قال الشيخ الألباني: حديث حسن، "فقه السيرة" (ص ٢٢٨).