للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونزل - صلى الله عليه وسلم - بالجيش بالشعبِ بجبل أُحد، وجعل ظهر الجيش للجبل وعيَّن أميراً على الميمنة، وأميراً على الميسرة، وانتقى من مهرة الرماة خمسين رجلاً فعينهم للحراسة على الجبل، وأمَّر عليهم عبد الله بن جبير - رضي الله عنه - وأصدر - صلى الله عليه وسلم - أوامرهُ المشددة للرماة فقال: "احموا ظهورنا، فإن رأيتمونا نُقتل فلا تنصرونا، وأن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشرُكونا" (١).

وفي رواية قال لهم: "لا تبرحوا إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا، وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا" (٢).

عباد الله! وأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - ينظم الصفوف ويحرضُ أصحابهُ على القتال، وينفث روح الحماسة والبسالة في أصحابه، فأخذ سيفاً وقال: "من يأخذ هذا السيف؟ ".

فبسطوا أيديهم كلٌّ يقول: أنا، أنا.

فقال - صلى الله عليه وسلم -: "من يأخذهُ بحقه؟ " فأحجم القوم.

فقال أبو دجانة: "أنا آخذهُ بحقه يا رسول الله، فأخذهُ ففلق به هام المشركين" (٣).

قال ابن إسحاق: كان أبو دجانة رجلاً شجاعاً يختال عند الحرب، وكانت له عصابة حمراء إذا اعتصب بها عُلِمَ أنه سيقاتل حتى الموت.

وقام رجلٌ فقال: يا رسول الله، أرأيت إن قُتلت فأين أنا؟


(١) صحيح رواه الحاكم (٢/ ٢٩٦).
(٢) قطعة من حديث رواه البخاري (رقم ٤٠٤٣).
(٣) رواه مسلم (رقم ٢٤٧٠).