عباد الله! لما رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة وقسم سبايا بني المصطلق، وقعت جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار رئيس بني المصطلق في سهم واحدٍ من الصحابة فكاتبتهُ ثم جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - تستعينه على كتابتها، فرأى النبي - صلى الله عليه وسلم - بحسن رأيه. ودقة نظره، أن يُكرمها ويرفع من شأنها وينزلها منزلتها اللائقة بها كبنت ملك أو رئيس قوم، فعرض عليها أن يدفع عنها كتابتها ويتزوجها فوافقت -رضي الله عنها-.
عباد الله! تعالوا بنا لنستمع على عائشة -رضي الله عنها- وهي تخبرنا الخبر.
تقول عائشة -رضي الله عنها-: "لما قسَّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في سهم ثابت بن قيس بن شماس أو ابن عم له، وكانت امرأةً مُلاّحة تأخذها العين، فجاءت تسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كتابتها، فلما قامت على الباب فرأيتها كرهت مقامها، وعرفت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - سيرى منها مثل الذي رأيتُ.
فقالت: يا رسول الله! إني جويرية بنت الحارث، وقد كان من أمري ما لا يخفى عليك، وإني وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس فكاتبته على نفسي، وجئتك يا رسول الله أستعينك على كتابتي.
فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أو خيرٌ من ذلك"؟ قالت: وما هو يا رسول الله؟
قال: "أدفع عنك كتابتك وأتزوجُك" قالت: قد فعلتُ، فما هو أن تزوجها حتى قال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أصهار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت أيدينا، فبادروا فأطلقوا سراح السبايا كلهن.